الجمعة, مايو 16, 2025
  • Français
  • English
  • الصفحة الرئيسية
  • أخبار
  • سياسة
  • رياضة
  • اقتصاد
  • Login
  • Register
No Result
View All Result
No Result
View All Result
Home الجزيرة@

عدوى الانفصال.. لماذا تنقسم أرض الصومال إلى كيانين؟

مايو 16, 2025
in الجزيرة@, سياسة
Reading Time: 4 mins read
0 0
A A
0
عدوى الانفصال.. لماذا تنقسم أرض الصومال إلى كيانين؟
0
SHARES
0
VIEWS
Share on FacebookShare on Twitter

الجزيرة - سياسة

ربما يُوصف ميلاد ولاية خاتمة الصومالية بأنه نموذج لظاهرة يمكن تسميتها بالانفصال عن المنفصل أصلا، فمدينة لاسعانود وما يحيط بها من مدن وقرى وتضاريس متنوعة واسعة لطالما شكّلت الأجزاء الشرقية الجنوبية لجمهورية أرض الصومال “صومالي لاند” التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، وبذلت جهودا متواصلة لنيل الاعتراف الدولي لأكثر من ثلاثة عقود دون أن يحالفها التوفيق.

وأما إعلان انفصال ولاية خاتمة عن أرض الصومال فقد جاء بعد حرب استمرت نحو ستة أشهر، خاضها أهالي خاتمة ضد القوات المسلحة في الجمهورية المعلنة من طرف واحد، وانتهت بهزيمة قوات أرض الصومال وانسحابها من لاسعانود في 25 أغسطس/آب 2023.

Related posts

صحف عالمية: ترامب يهمش إسرائيل لكن دون مساعدة غزة

صحف عالمية: ترامب يهمش إسرائيل لكن دون مساعدة غزة

مايو 16, 2025
أرقام خرافية لبرشلونة قادته للثلاثية المحلية هذا الموسم

أرقام خرافية لبرشلونة قادته للثلاثية المحلية هذا الموسم

مايو 16, 2025

وفي 12 أبريل/نيسان المنصرم، زار رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري، وبرفقته عدد كبير من الوزراء ونواب البرلمان، مدينة لاسعانود مركز ولاية خاتمة، حيث قوبل بحفاوة بالغة وبمسيرات شعبية كبيرة اكتست بالعلم الصومالي. وشهدت الزيارة تدشين مشاريع خدمية عدة، وإعلان انضمام ولاية خاتمة بصفة رسمية إلى الولايات الاتحادية الصومالية.

دلالات الزيارة

تلك أول زيارة لمسؤول صومالي رفيع إلى مدينة لاسعانود منذ انهيار حكومة زياد بري وانفصال “أرض الصومال” في الشمال عن باقي البلاد عام 1991، وأتت الزيارة عقب تداول أخبار بشأن نية الولايات المتحدة الأميركية الاعتراف بـ”أرض الصومال” دولة مستقلة، أو على الأقل منحها امتيازات للتعاون الدبلوماسي والعسكري مع واشنطن، وتهجير أهل غزة إلى أرض الصومال مقابل الاعتراف بها، وهذا يعني خطوة تكتيكية من مقديشو لقطع الطريق على أي إشاعة من شأنها أن تغذي النزعة الانفصالية في الشمال.

إعلان

وكان توقيع رئيس صومالي لاند (أرض الصومال) السابق موسى بيحي عبدي، مطلع يناير/كانون الثاني من العام الماضي، مذكرة تفاهم مع إثيوبيا لمنحها أرضا سيادية في السواحل الغربية بصومالي لاند لإنشاء قاعدة عسكرية إثيوبية قد أغضب الحكومة المركزية الصومالية في مقديشو، التي اعتبرت الخطوة انتهاكا صارخا للسيادة الصومالية، فعملت على إضعاف صومالي لاند وثنيها عن المساعي الانفصالية من خلال دعم الحركات الداخلية الرافضة للمشروع الانفصالي في الشمال.

كما أن الزيارة حملت دلالات، من بينها بحث حكومة مقديشو عن مخرج من حالة الانسداد التي تمر بها في ظل تفاقم الخلافات بين الحكومة المركزية وولايتي بونتلاند وجوبالاند بشأن نوعية الانتخابات البرلمانية والرئاسية المتوقع عقدها العام المقبل.

ولوجود روابط قبلية بين سكان الولايتين المذكورتين وولاية خاتمة، فإنه يمكن للأخيرة أن تنوب عنهما في جلسات مجلس التشاور الوطني المنتظر انعقاده قريبا، بعد أن تلقت الدعوة الرسمية للحضور من قِبَل رئيس الحكومة الذي ينتمي إلى ولاية جوبالاند.

وأما إدارة أرض الصومال، التي تعتبر نفسها دولة مجاورة للصومال، فقد نددت بزيارة بري إلى لاسعانود. وعلى لسان رئيسها عبد الرحمن محمد عبد الله وصفت الزيارة بأنها تصرف غير مسؤول، وانتهاك صارخ لسيادة “أرض الصومال”، وأن رئيس الحكومة في مقديشو يتحمل مسؤولية أي تبعات أمنية لزيارته. كما صرحت أرض الصومال على لسان وزير إعلامها أحمد شيخ علي بالانسحاب من التفاوض مع الصومال.

ربما لا يستوعب القارئ غير المُلم بالأوضاع المحلية في القرن الأفريقي، وتحديدا في الصومال، اتهام رئيس إقليم انفصالي رئيس وزراء البلاد الأم بانتهاك سيادة الإقليم الانفصالي، وعليه فإن مما ينبغي توضيحه أن الصومال لم يبسط نفوذه على الشمال منذ 1991، وأن إدارة أرض الصومال تميزت بوضع استثنائي طوال تلك الفترة، بفضل ما حققته من استقرار مشهود مقارنة ببقية الصومال، وممارسات ديمقراطية تمثلت في تنظيم مختلف أنواع الانتخابات المحلية والنيابية والرئاسية على مدى عقدين تقريبا.

إعلان

وروّجت أرض الصومال طوال تلك الفترة لأحقيتها بنيل الاعتراف الدولي، غير أن المشهد لم يخلُ من تذمر بعض المناطق في الشمال وتعبيرها عن الشعور بالغبن في توزيع المناصب والثروات والمعونات الخارجية، واتهام قاطني عاصمة الشمال هرجيسا ومدن وبلدات أخرى بوسط أرض الصومال بالاستئثار بالحكم والنفوذ على حساب سكان المناطق الشرقية والغربية، وتلك معادلة تستند إلى القبيلة، ومن هنا يرى أهالي ولاية خاتمة أنهم عانوا التهميش والإقصاء في أرض الصومال خلال عقود ثلاثة.

حيّ على القتال

في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2020، اجتاحت مدينة لاسعانود ثورة زرقاء تنادي بالوحدة وترفع علم الصومال، وبوصول شيخ قبائل لاسعانود ومحيطها، الغراد جامع ابن الغراد علي، وتوليه قيادة الثورة الغاضبة وقولته الشهيرة “حيّ على القتال” تغير كل شيء.

حاصرت قوات أرض الصومال مدينة لاسعانود بهدف إجبارها على ما يمكن تسميته بـ”الوحدة الانفصالية”، وقصفتها بالمدافع الثقيلة على مدى أشهر عدة، والأخيرة صامدة تطلق الرصاصة بيد وتلملم جراحها باليد الأخرى، في مشهد مأساوي لم يحظَ بمتابعة إعلامية دولية وعربية رغم فداحته، ما عدا بعض التقارير الأممية التي أشارت في ذلك الوقت إلى مقتل العشرات ونزوح أكثر من 80 ألف نسمة من مدينة لاسعانود جراء تواصل الحرب.

و”غراد” في منطقة خاتمة، لمَن لا يعرف معناها، تعني زعيم قبيلة، والغراد جامع عاش في منفاه الاختياري خارج منطقة قبيلته أكثر من 15 عاما تأفُّفا مما اعتبره استيلاءً وتزويرا لإرادة قومه الذين لا يرغبون في مشروع صومالي لاند الانفصالي.

وقد أعادت أحداث انفصال ولاية خاتمة ذكريات تاريخ لاسعانود النضالي ضد الاستعمار البريطاني، واستضافة أبناء هذه المنطقة ثورة الدراويش، وعلى رأسها المناضل الصومالي السيد محمد عبد الله حسن الذي حارب الإنجليز في شمال الصومال.

إعلان

وأما “أرض الصومال” فهي دولة معلنة من طرف واحد، تقع في القرن الأفريقي على شاطئ خليج عدن، وبالتحديد بشمال الصومال.  وحسب الحدود الجغرافية الموروثة من الاستعمار البريطاني، تحدّها إثيوبيا من الغرب، وجيبوتي من الشمال الغربي، ومن الشمال الشرقي خليج عدن، ومن الشرق والجنوب إقليم بونت لاند ذي الحكم الذاتي ضمن الحكومة الصومالية الفدرالية، والأخير نازع أرض الصومال فترات ماضية على حكم ولاية خاتمة لأسباب عشائرية.

وقد أعلن إقليم صومالي لاند بقيادة جبهة الحركة الوطنية الصومالية (SNM) انفصاله عن باقي الصومال عام 1991، بعد حروب أهلية شهدها الصومال فأدت إلى انهيار الحكومة الصومالية المركزية. وأُعلن ميلاد ما سُمي بـ”جمهورية أرض الصومال” من طرف واحد، في 18 مايو/أيار 1991 في اجتماع قبلي حضره ممثلون لمكونات الإقليم الشمالي.

خريطة أرض الصومال
حسب الحدود الجغرافية الموروثة من الاستعمار البريطاني، تحدّ أرض الصومال إثيوبيا من الغرب، وجيبوتي من الشمال الغربي، ومن الشمال الشرقي خليج عدن، ومن الشرق والجنوب إقليم بونت لاند ذي الحكم الذاتي ضمن الحكومة الصومالية الفدرالية، (الجزيرة)

الحدود الاستعمارية

تاريخيا، ظلت منطقة أرض الصومال باسمها الحالي (Somali land) مستعمرة بريطانية خلال الفترة (1884-1960)، بينما كان الجنوب الصومالي يخضع للاستعمار الإيطالي، ولما استقلت أرض الصومال في 26 يونيو/حزيران 1960 بادرت بالانضمام إلى الصومال الجنوبي الذي استقل بدوره في الأول من يوليو/تموز من العام نفسه.

لكنّ الشماليين، وخاصة قبيلة العاصمة هرجيسا والمحافظات الواقعة بوسط أرض الصومال، اشتكوا فيما بعد من التهميش واستئثار الجنوب بغالبية المناصب، فعارضوا حكم الراحل محمد زياد بري، وعانوا القمع والتضييق طورا، والاستهداف والقصف تارة أخرى، وأسسوا حركتهم المسلحة، واستعانوا بإثيوبيا، وأسهموا ضمن حركات مسلحة أخرى في الإجهاز على الدولة والنظام في الصومال.

إعلان

ومن الجدير بالإشارة أن مختلف الحركات المسلحة التي أسقطت الحكومة المركزية تشكَّلت بدوافع قبلية وبمساندة خارجية.

ورغم أن التاريخ يكاد يعيد نفسه في أرض الصومال، فإن الانفصاليين في الشمال يستندون إلى حجج من ضمنها ما يلي:

  •  أن الإقليم الشمالي بحدوده الموروثة من الاستعمار البريطاني استقل بدولته في 26 يونيو/حزيران 1960، واعتُرف به دولة مستقلة لولا تحمس أهل الشمال للوحدة مع الجنوب، علما بأن الحدود الاستعمارية لأرض الصومال تشمل ولاية خاتمة التي انضمت أخيرا إلى الولايات الصومالية الفدرالية.
  • يحق للشماليين استعادة دولتهم على حدود المحمية البريطانية والحصول على اعتراف دولي وفق هذا الأساس.
  • في المقابل، يرى أنصار الوحدة الصومالية أن الصومال كلٌّ لا يتجزأ، وأن الاستعمار فرّق بين شطريه الشمالي والجنوبي، وأن وحدة البلاد أمر لا يقبل النقاش. كما يتمسك أبناء لاسعانود برفضهم الشديد لأي إرث منسوب إلى الاستعمار البريطاني الذي حاربوه تحت راية الدراويش.

مستقبل أرض الصومال

تميزت إدارة أرض الصومال بأمنها واستقرارها النسبي، وتعاقب على حكمها 6 رؤساء ينتمون جميعا إلى قبيلة إسحاق بالمنطقة الوسطى بأرض الصومال، سوى رئيس واحد ينتمي إلى قبيلة جدبورسي بإقليم أودل غربي صومالي لاند، وشهدت السنوات الأخيرة أصداء واسعة لمنجزاتها ومساعيها لنيل الاستقلال بفعل تزايد الاهتمام الجيوسياسي بمنطقة البحر الأحمر وخليج عدن، لكن أحداث لاسعانود في 2023 غيّرت ملامح دولة الشمال التي فقدت أجزاء واسعة كانت تشملها حدودها الاستعمارية، وعليه فإن مستقبل أرض الصومال بعد انفصال ولاية خاتمة لا يخلو من سنياريوهات ثلاثة على النحو الآتي:

1- ضم ولاية خاتمة من جديد بقوة السلاح، والمُضي قُدما في طريق السعي للاعتراف الدولي باستقلال أرض الصومال، وهذا يبدو بعيدا، خاصة أن أهالي منطقة خاتمة خاضوا معركة طاحنة لانفصالهم عن المنفصل أصلا، كما أنهم مستعدون لبذل النفس والنفيس من أجل الحفاظ على مكتسبات ثورتهم في حال تكرار مشاهد مماثلة لأحداث 2023. ومن المنطقي أيضا أن تتم جهود البحث عن اعتراف دولي في أي مكان في العالم من خلال القوة الناعمة وليس الخشنة.

إعلان

2- التخلي عن ولاية خاتمة والاكتفاء بما تبقى والمُضي قُدما في طريق البحث عن الاعتراف الدولي بحدود الأمر الواقع التي فرضها انفصال ولاية خاتمة، وهذا أيضا لن تستسيغه إدارة أرض الصومال بسهولة، لكونه ينسف نظرية الاحتكام إلى الحدود الاستعمارية التي طالما تمسكت بها النخبة الحاكمة في الشمال.

3- التعامل مع ملف ولاية خاتمة بنفَس طويل، وإضعافها من خلال إذكاء النعرات في المناطق التي يصعب حسم حدودها بسبب التداخل القبلي، واستخدام المال السياسي لاستمالة بعض أبناء لاسعانود، وهذا سيُضعف الجانبين، ولن يُنهي الأزمة بينهما على الأقل في المدى القريب. وسيعتمد حسم الموضوع على مدى قدرة الحكومة المركزية على تخطي أزماتها وبسط سيطرتها على كامل تراب الوطن الصومالي.

ويتضح مما سبق أن القبليّة هي العامل الأبرز في الخلافات الصومالية المحلية، وعليه فإن انفصال ولاية خاتمة عن أرض الصومال يشجع انفصال مناطق أخرى عن أرض الصومال للأسباب ذاتها، فحركة ولاية أودل لا تزال نشطة في المهجر، وتعد عدّتها لبسط سيطرتها على محافظتَيْ أودل وسلل وأجزاء من جبيلي بشمال غربي أرض الصومال، بهدف فصل تلك المحافظات التي تُشكِّل قبيلة جدبورسي غالبية سكانها تمهيدا للعودة إلى الوحدة مع الصومال الكبير، حسب البيانات التي تبثها الحركة عبر وسائل الإعلام.

وفي هذا الصدد، عبّر قائد حركة ولاية أودل الدكتور علي بحر عن سعادته بزيارة رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري إلى لاسعانود، مهنئا شعب ولاية خاتمة على التضحيات التي قدمها في سبيل الوحدة الوطنية. وقال بحر إن هذه الزيارة تضع حدًّا لأوهام الانفصال في الشمال.

وكان الأكاديمي الأميركي الصومالي قد زار في سبتمبر/أيلول 2023 العاصمة الصومالية، والتقى وزير الخارجية ومسؤولين آخرين بهدف نيل دعم الحكومة المركزية ومساندة جهود حركة ولاية أودل للانفصال عن أرض الصومال.

Somalia's Prime Minister Hamza Abdi Barre speaks during the 79th Session of the United Nations General Assembly at the United Nations headquarters in New York City on September 27, 2024. (Photo by Leonardo Munoz / AFP)
رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري يتحدث خلال الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في 27 سبتمبر/ أيلول 2024. (الفرنسية)

المعيار القبلي

في الصومال والقرن الأفريقي بصفة عامة، يحضر العامل القبلي بقوة في كل شيء، فالنائب البرلماني الصومالي يمثل أبناء عمومته على سبيل المثال، وكذلك الرئيس والوزير والسفير وغيرهم، وتشكيل الحكومة يعتمد منذ مؤتمر المصالحة الصومالية في عرتا بجيبوتي عام 2000 على معادلة المحاصصة القبلية “4.5”، أي تقاسم الكعكة على أساس أربع قبائل ونصف.

إعلان

وفي أرض الصومال يُدهَش المشاهد البعيد بطوابير الناخبين الذين يدلون بأصواتهم لاختيار ممثليهم في أمن وأمان، لكن الرؤية ربما تختلف عند معرفة أن كل قبيلة تختار نائبها أو نوابها في البرلمان، وتمارس الديمقراطية حسب تقاليدها القبلية، في صورة تعيد إلى الأذهان تنافس العرب بشعرائهم في أسواق عكاظ ومجنة وذي المجاز.

لا شك أن القاسم المشترك في دوافع قيام الولايات الصومالية هو العامل القبلي، وواضح أن الولايات المنضوية تحت الحكم الاتحادي قائمة أيضا على أسس عشائرية، ومن غير المستبعد أن كل واحدة منها مستعدة للانفصال عن الحكومة المركزية فور الشعور بأي شيء يهدد مصالحها الخاصة، والنتيجة تعنُّت شبه دائم ورفض للانقياد لنفوذ الدولة لأسباب عشائرية محضة، لأن من سمات القبلية الأنفة وعدم الرضا بحكم قبيلة أخرى.

ومن المفارقة أن مشروع “حركة الشباب المجاهدين” في جنوب ووسط الصومال، وأتباع “داعش” بشرق البلاد، من أبرز المشاريع التي يمكن وصفها بالبعيدة عن المنطق القبلي في هرمها التسلسلي، إذ تضم عضويتها مقاتلين أجانب وصوماليين من مختلف العشائر، ولكنها في الوقت نفسه مشاريع فتاكة تزهق الأرواح وتعوق التنمية بهجماتها المتكررة على المقرات الحكومية بدعوى أن أعضاءها كفار يخدمون أجندات خارجية.

وللتعرف على الخريطة القبلية الصومالية فإن إقليم بنادر، ومركزه مقديشو، وولايتي هيرشبيلي وغلمودغ بوسط الصومال، كلها من الولايات التي تُشكِّل غالبية سكانها قبيلة هوية، بينما يُشكِّل الداروديون أغلبية ولايتي بونتلاند، وجوبالاند، و”خاتمة” الجديدة، وقبيلة رحنوين تُشكِّل غالبية سكان الولاية الجنوبية الغربية. وأما قبيلة دِر فهي ذات وجود معتبر في الولايات الجنوبية والوسطى، وتُشكِّل غالبية سكان صومالي لاند وجيبوتي.

مقاتلون من حركة الشباب المجاهدين في الصومال أثناء استعراض لهم في 13 فبراير/شباط 2012 (الجزيرة)

التدخلات الخارجية

كلما كانت الدولة مبنية على أسس قبلية أو عشائرية سرى في مفاصلها الفساد والضعف وعدم الاستجابة لمتطلبات العصر، ومن هنا تصبح الدولة فريسة سهلة للتدخلات الخارجية حتى من أقرب الجيران، فالسياسة لا تعترف بمنطق مساعدة الضعيف، والدول ليست جمعيات خيرية، وعليه فإن التشرذم والانقسامات الداخلية ليسا سوى أبواب للتأثير الخارجي، وهذا ما تفسره معاناة الصومال من التدخلات الأجنبية المتمثلة في تعامل بعض الدول مع الولايات الفدرالية والحكومات الانفصالية مباشرة دون المرور بقصر الحكم في مقديشو، وهذا يطرح تساؤلات مهمة بشأن السيادة وفق مقتضيات معاهدة ويستفاليا.

وتجدر الإشارة إلى أن المعيار القبلي والإثني في تقاسم المناصب الحكومية ليس مقصورا على الصومال، بل إن الأمر يمتد إلى دول عدة في شرق أفريقيا وخارجه، لكن المُجمع عليه أن تلك الدول هشة ومرشحة للزوال أو التغيير في أي لحظة، وهذا يعني أن المنطق القبلي والإثني، ومثله الطائفي المستند إلى الأيديولوجية الدينية، في بناء الدول لا يأتي إلا بالدمار في نهاية المطاف.

ففي إثيوبيا استمرت حرب التغراي حولين كاملين، وأسفرت عن خسائر بشرية ومادية هائلة قبل أن تنتهي بتوقيع اتقافية سلام في 2 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 في جنوب أفريقيا، وكان وراء اندلاع تلك الحرب أطماع عرقية التقراي للانفصال عن باقي جمهورية إثيوبيا المكونة من 12 ولاية فدرالية موزعة على أساس عرقي.

إعلان

وفي جيبوتي يحدث تقاسم السلطة بناء على المعيار القبلي، وعليه فإن بعض مكونات شعبها يجهر بالشعور بالغبن والتظلم.

وفي هذا الصدد يقول المفكر الجيبوتي عبد الرحمن بشير، في منشور على صفحته بفيسبوك، إن جيبوتي تعرضت في العقود الأربعة الماضية لهزات سياسية خطيرة وأزمات اجتماعية كادت في بعض الأحيان أن تحرق وجود الدولة، مرجعا الصراع المسلح في شمال البلاد في نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات إلى وجود شعور من القومية العفرية بأن الدولة ليست لهم، في إشارة إلى اعتقاد منها بتفرد قبيلة عيسى بالسيطرة على أهم مفاصل السلطة في البلاد.

ويشتكي أبناء قبيلة جدبورسي في جيبوتي من إقصاء منهجي دائم منذ عهد الاستعمار الفرنسي، ويعتقد كثير من مثقفيها أن الحكم في البلاد كان لهم، لولا خلاف مع المحتل أفضى في النهاية إلى تمكين العيسى والعفر وتهميش جدبورسي بسبب اعتراضهم على الأجندة الفرنسية وتمسكهم بضرورة توحيد إقليم “الصومال الفرنسي” مع الصومال الكبير.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2015، أسفر دهم قوات الأمن لاحتفال شعبي تقليدي أقامته عشيرة يونس موسى، أحد فروع قبيلة عيسى، عن قتلى وجرحى في صفوف المدنيين الحاضرين. وذلك حدث أمني اعتبره المحتفلون استهدافا قمعيا على أساس عشائري تقوم وراءه النخبة الحاكمة، وهذا يبرهن على أن القبلية لا تعرف الحدود، وأن من الممكن نشوب صراعات دامية داخل الفصيل القبلي الواحد متى ما امتد الخلاف إلى كرسي الحكم.

ولا يختلف الحال في كينيا التي شهدت أعمال عنف دامية عام 2007 بسبب الاحتجاجات العرقية التي نظّمها مناصرو المرشح ريلا أودينغا بعد إعلان خسارته في الانتخابات الرئاسية في البلاد أمام مواي كباكي الذي فاز بولاية ثانية.

التجربة الرواندية

في رواندا بشرق أفريقيا، يتكوّن الشعب من قبيلتين هما هوتو وتوتسي، أدى بهما التناحر إلى ضرب الرقم القياسي في ارتكاب الإبادة الجماعية بدعوى نصرة القبيلة، إذ شهدت رواندا مقتل نحو 800 ألف نسمة في أقل من 100 يوم.

إعلان

وجاء ذلك بعد أن أُسقطت طائرة تقل الرئيس الرواندي جوفينال هابياريمانا، وهو من قبيلة هوتو التي شكَّلت نحو 80% من البلاد، فاتهمت التوتسي (20%) بالضلوع في مقتله، فقررت الثأر منها.

لكن ثمة نموذج مشرق لبناء الدولة الحديثة والقضاء على العنصرية القبلية والعرقية، فقد نجح زعيم الجبهة الوطنية بول كاغامي بعد توليه مقاليد الحكم في 2000 في القضاء على النعرات القبلية من خلال سن تشريعات صارمة غيّرت ملامح رواندا. وكما يؤكد الكاتب عزيز سعدون فقد قام كاغامي فور تسلمه الحكم بما يلي:

  •  تشكيل مجلس حكماء (لجان مصالحة وطنية): شُكِّل مجلس حكماء في كل منطقة من البلاد للإصلاح بين الناس، يقوم المجلس بجلب الطرفين والجلوس معا، يقوم المذنبون بالاعتراف بجرائمهم وذنوبهم، وبعدها يبدأ العفو والتسامح والصفح. وما فعلوا ذلك إلا بعد أن تيقنوا أن الحرب تقتل الجميع وتهدم بنيانهم ولا يوجد رابح في الحروب القبلية، وإن لم يعفوا ويسامحوا ويصفحوا فستدوم الثارات والقتل حتى ينتهي الجميع.
  • وضع دستور للبلاد ينص على المصالحة والوحدة الوطنية، وتجريم كل مَن يتلفظ بلفظ عنصري في البلاد.
  • إعداد وتطبيق برامج تثقيفية وتعليمية لإعادة تأهيل المواطنين، وخاصة الذين شاركوا في عمليات القتل والتدمير والتخريب.
  • إعادة تقسيم المحافظات: كانت كل قبيلة تسيطر على عدة محافظات ومناطق، فقامت الحكومة بوضع برامج لإعادة التوزيع السكاني في المحافظات وفتح مدارس تضم أبناء القبيلتين معا بعد أن كان لكل قبيلة مدارسها الخاصة.
  • تنمية وتطوير القطاع التعليمي، والقيام بحملات توعية في عموم البلاد تحارب العنصرية وتبين مساوئها ونتائجها الكارثية على الجميع، وتخصيص ميزانية كبيرة لأبناء الفقراء لينالوا نصيبهم من التعليم والتثقيف.
  • وضع قانون خاص بالمدارس يمنع منعا باتا التلفظ باسم القبيلة أو القول بالانتساب إليها، ومَن يفعل ذلك يعاقب.
  • تطوير وتنمية القطاع الصحي ووضع ميزانية كبيرة له.
  • تسهيل الإجراءات على المستثمرين، حتى بات بإمكان رجل الأعمال أن يُنشئ شركته في يوم واحد فقط وبمكان واحد.
  • تشكيل مجلس استشاري يتألف من ذوي الكفاءات والخبرة والعلم من إداريين وأطباء وخبراء وعلماء في شتى المجالات لوضع خطط إستراتيجية لتنمية وتقدم البلاد وطرح حلول للمشكلات التي تواجه الدولة.
  • الاهتمام بجلب كبرى الشركات العالمية للاستثمار في البلاد.

إعلان

وقد آتت تجربة رواندا ثمارها في سبيل الارتقاء بالبلاد، ومن المعلوم أن المواطن الرواندي، سواء كان في الداخل أو المهجر، ينزعج من السؤال عن قبيلته، ولا يتردد في الاعتذار عن عدم الإفصاح عنها تقديرا لميثاق وطني يلتزم به.

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
Login
نبّهني عن
guest
guest
0 Comments
Most Voted
Newest Oldest
Inline Feedbacks
View all comments
  • الصفحة الرئيسية
  • أخبار
  • سياسة
  • رياضة
  • اقتصاد

Welcome Back!

Login to your account below

Forgotten Password? Sign Up

Create New Account!

Fill the forms below to register

All fields are required. Log In

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Log In

Add New Playlist

No Result
View All Result
  • Français
  • English
  • الصفحة الرئيسية
  • أخبار
  • سياسة
  • رياضة
  • اقتصاد
  • Login
  • Sign Up
Are you sure want to unlock this post?
Unlock left : 0
Are you sure want to cancel subscription?
wpDiscuz
0
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x
| رد