رغم إقامة مؤسس تنظيم القاعدة أسامة بن لادن العديد من الاستثمارات في السودان، فإن غالبية هذه المشروعات لم يكتب لها النجاح بسبب تمسكه برأيه وإلغاء كل من حوله، وفق المفتي السابق للتنظيم محفوظ ولد الوالد.
فقد كان بن لادن يتولى كل الأعمال بنفسه ولا يترك لأي من المديرين العاملين تحت يده شيئا يقومون به أو يمضون فيه رأيا مخالفا لرأيه، وهو أمر حال دون تكوين كفاءات، كما يقول المفتي السابق للتنظيم محفوظ ولد الوالد.
ووفقا لما قاله ولد الوالد في الحلقة التاسعة من برنامج “مع تيسير”، فقد تأثر التنظيم بشدة بسبب مركزية القرار وتحكم بن لادن في كل شيء وفي كل الاتجاهات، خاصة أنه كان شديد الاعتداد برأيه.
ومن بين جوانب تشدد بن لادن في الرأي -وفق ولد الوالد- فإنه عاش حياة متقشفة في كل شيء وكان يفرضها على أهله وعياله، ومن ذلك منعه تماما للثلاجات ومكيفات الهواء ومكواة الملابس حتى إنه كان يقلل تماما من الاعتماد على الكهرباء.
كما كان زعيم القاعدة يفضل عدم بناء البيوت الأسمنتية ويقول إن بيوت الطين أفضل، وكان يحرم إنفاق المال في أمور مثل المياه الغازية والمشروبات والشوكولاتة أو السكاكر، وهكذا.
انقسام وسوء إدارة
وأحدث هذا السلوك انقساما داخل القاعدة -كما يقول ولد الوالد- حيث كان هناك من لا يقتنع بهذه الطريقة في الحلال، بينما كان هناك من يوافق بن لادن في مسألة الحد حتى من الحلال.
لذلك، لم يكن بن لادن يقبل بصرف أي قرض لأي عضو يريد شراء ثلاجة أو مكيف هواء أو أي من تلك الأشياء التي يراها نوعا من أنواع الرفاهية.
إعلان
و”لم يكن هذا بخلا من بن لادن وإنما كانت دعوة منه للتقشف والدفع نحو الخشونة وعدم الميل للين العيش”، كما يقول ولد الوالد، الذي يرى أن زعيم القاعدة بالغ في بعض الأمور.
ورغم أنه حقق بعض النجاحات في مجال الزراعة مثلا حيث نجح في إنتاج أكبر حبة بطيخ في السودان، فإنه لم يكن يسمح لمساعديه بالعمل بحرية ولا إبداء رأيهم في شيء، والمفارقة هي أن مشاريعه التي حققت نجاحا كانت تلك التي لا تخضع لإدارته بشكل مباشر، وفق ولد الوالد.
وقد عانى التنظيم بشدة في بداية تحوله إلى العمل المدني بعد انتهاء الجهاد في أفغانستان وعدم وجود ساحة جديدة، وكان من بين أوجه هذه المعاناة أن غالبية الأفراد كانوا يعيشون في المعسكرات والمضافات لكنهم لم يكونوا قادرين على العمل لمساعدة ذويهم.
ومن هنا، طالب الأعضاء بتحديد رواتب لهم حسب كفاءة كل شخص منهم والمكان الذي يستفاد منه فيه، لكن هذا لم يحل دون حرمان كثير من الأطباء والمهندسين من هذه الميزة لأنهم لم يجدوا عملا يقومون به.
ولم تكن مشكلة هؤلاء في ضعف الراتب وإنما في غيابه تماما ببعض الحالات رغم أنهم كانوا يحتسبون هذا دربا من دروب الجهاد، بينما هو خلل تنظيمي واضح وظالم كما يصفه ولد الوالد.
فمن غير المعقول -برأي ولد الوالد- أن يجلس طبيب دون عمل ودون راتب بينما هو يريد مساعدة عائلته أو أنه يريد الزواج وتكوين أسرة ولا يجد من يساعده.
ومن بين الانتقادات التي وجهها البعض لبن لادن -حسب المتحدث- أنه هو صاحب القرار الوحيد في كل شيء ولا مخالفة لما يقول، وتساءل البعض عما سيحدث إذا قرر حل التنظيم، أو إذا ارتأى مجلس التنظيم عزله من زعامته.
وحاول ولد الوالد إجراء إصلاحات لكل هذه الأمور قال إنها لم تكن مرضية لكثيرين، فضلا عن عدم التزام بن لادن بالطريقة الاحترافية في أعمال الحسابات والإدارة مما أدى لخسارة كثير من مشاريعه في السودان.
إعلان
كما لعبت البيروقراطية السودانية وعدم قيام الحكومة بسداد كثير من القروض والأموال التي حصلت عليها من بن لادن إلى خسارته ماليا خلال الفترة التي قضاها هناك، وفق ولد الوالد.