تحت عنوان “الحصار يطحن غزة.. أطفالها جوعى ومرضاها في عداد الموتى”، تناولت صحيفة نيويورك تايمز الأزمة الإنسانية المتدهورة بسرعة في غزة، حيث أدى الحصار الإسرائيلي الشامل إلى وضع “كارثي” ارتفعت فيه الأمراض والوفيات، خصوصا بين الأطفال، نتيجة النقص الحاد في الغذاء والماء والأدوية.
ويصف المدير العام لوزارة الصحة في غزة منير البرش للصحيفة هذا الواقع المرير قائلا: “لا أستطيع تقديم أي نصيحة لهم. في معظم الحالات، يموت هؤلاء المرضى”.
ويكشف هذا الوضع المزري بوضوح العواقب الوخيمة للحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع، في حين يتزايد انتقاد المجتمع الدولي لأفعالها، إذ تتهمها المنظمات الإنسانية والمسؤولون الأوروبيون باستخدام المساعدات “كأداة سياسية”، وفقا للصحيفة.
وحذر هؤلاء المسؤولون من أن هذا الحصار ينتهك القانون الدولي، مبرزين أن أثره يمتد ليشمل جميع مناحي الحياة بالنسبة لمليوني غزّي، مما يفاقم آثار سنوات من الحصار الجزئي الذي كان مفروضا على قطاع غزة قبل حرب السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقد أصبحت الضروريات الأساسية بعيدة المنال، كما يوضح للصحيفة أحمد محسن (عامل بناء) بحسرة قائلا: “تخيل أنك لم تذق لحما أو بيضة مسلوقة أو حتى تفاحة منذ شهور”، وإذا وُجد شيء يطبخ فأنى للناس أن يحصلوا على الوقود، إذ يلجأ البعض لاستخدام الأحذية الممزقة وقودا لطبخ ما يتحصل عليه.
إعلان
وولّد هذا الحصار ارتفاعا جنونيا في أسعار المواد الغذائية، إذ يعتمد كثيرون على مطابخ خيرية تتناقص باستمرار، ويصف أحمد النمس، وهو بقال نازح، الترشيد الشديد والأثر النفسي لهذا الوضع قائلا: “نأكل مرة واحدة في اليوم، عند الظهر، وهذا كل شيء. أشعر وكأنني لا أستطيع التنفس عندما أرى إخوتي وأخواتي ما زالوا جائعين”.
كما أن المياه النظيفة تنفد، حيث تعمل محطات تحلية المياه بأدنى طاقتها. ويؤدي نقص المياه النظيفة والصرف الصحي إلى ارتفاع حاد في الأمراض التي يمكن الوقاية منها. كما أن الأثر النفسي لذلك عميق للغاية، إذ يلاحظ أحمد العجلة -وهو أب من مدينة غزة- أن “أثر الحصار يبدو واضحا الآن على وجوه الناس، فالجميع شاحبون وأعصابهم منهكة”.
وينهار النظام الطبي تحت وطأة نقص المواد وسوء التغذية، وهذا ما يعرب عنه بحزن شديد الدكتور غازي اليازجي في مستشفى الشفاء قائلا: “بدون تدخل عاجل واستئناف المساعدات، سنفقد مزيدا من المرضى. نحن نواجه وضعا كارثيا”.
كذلك يؤكد النداء اليائس من منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر على خطورة الوضع، إذ يقول بمرارة: “إلى السلطات الإسرائيلية، ومن لا يزالون قادرين على إقناعهم، نقول مجددا: ارفعوا هذا الحصار الوحشي… أما بالنسبة للمدنيين الذين تُركوا دون حماية، فلا تسعفني العبارات للاعتذار لهم.. لكنني آسف حقا لعجزنا عن حث المجتمع الدولي على منع هذا الظلم”.
وخلاصة القول هي أن هذا التقرير يرسم صورة مروعة لسكان على حافة الهاوية، يكافحون من أجل البقاء على قيد الحياة في ظل حصار لا هوادة فيه.