19/4/2025–|آخر تحديث: 19/4/202503:47 م (توقيت مكة)
منذ اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض قبل أكثر من أسبوع تعيش الأوساط السياسية المقربة من نتنياهو حالة انقسام حاد في تقييم مستقبل السياسة الأميركية تجاه إيران، وتحديدا فيما يتعلق بالعودة إلى الخيار العسكري ضد منشآتها النووية.
ويقول التقرير الذي نشرته صحيفة معاريف لمراسلتها السياسية آنا برسكي إن الانقسام في محيط نتنياهو بات واضحا بين “معسكر الأوهام” الذي يعلق آماله على ما يسميه “الوفاء الأبدي لترامب” و”معسكر الواقعيين” الذين يقرؤون من سلوك ترامب وموقفه الأخير أن إسرائيل لن تحصل على “الضوء الأخضر” الأميركي لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران.

واقع مختلف
وفي “معسكر المتفائلين” -كما تسميهم برسكي- يسود اعتقاد راسخ بأن “ترامب معنا وسيبقى معنا”، وأن أي تحرك دبلوماسي أميركي حالي تجاه طهران إجراء شكلي سرعان ما سيفشل لتعود الولايات المتحدة إلى دعم الخيار العسكري.
وهؤلاء -بحسب التقرير- “يرون في ترامب مسيحا سياسيا جاء خصيصا لتحقيق أحلامهم الأمنية”، ولذلك استعدوا لعودته إلى السلطة في يناير/كانون الثاني 2025 كما لو أنها لحظة الخلاص.
إعلان
وتؤكد برسكي أن هؤلاء أعدوا قائمة أمنيات طويلة تتراوح بين فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وغزو كامل لقطاع غزة والتوصل إلى اتفاق سلام إقليمي، ولكن البند الأول الدائم على جدول أعمالهم كان هو إيران.
وتضيف برسكي أن هؤلاء المتفائلين لا يرون في التصريحات العلنية لترامب أي تراجع، بل يرون أن “التنسيق مع واشنطن ممتاز، وكل شيء يسير وفق الخطة”.
ويقود هذا المعسكر وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر الذي يتمتع بعلاقات وثيقة مع الدائرة المحيطة بترامب.
لكن في المقابل، هناك معسكر آخر يصف نفسه بـ”الواقعي” يرى في اللقاء الأخير بين نتنياهو وترامب مؤشرا سلبيا حاسما.
ووفقا لما كشفه التقرير، حصل نتنياهو على “ضوء أحمر صريح” من ترامب الذي رفض فكرة العمل العسكري ضد إيران، مفضلا نهج المفاوضات المباشرة بين واشنطن وطهران.
ونقلت الصحفية عن أحد المقربين من نتنياهو في هذا المعسكر قوله “بدلا من الحماس المفرط تجاه تغريدات ترامب المتقلبة كان علينا أن نستمع جيدا لما يقوله بوضوح، هو ورجاله.. لقد عاد ترامب لولايته الثانية من أجل نيل جائزة نوبل للسلام، لا لإشعال حرب عالمية ثالثة”.
وأشارت برسكي إلى أن هذا التحول الدراماتيكي برز في أعقاب مكالمة هاتفية مباشرة بين ترامب ونتنياهو خرج بعدها الجميع بانطباع أن التوجه الأميركي الجديد هو نحو التفاوض المباشر مع إيران، وليس نحو التصعيد.
وقال المصدر نفسه “كنا نظن أن الإيرانيين لن يدخلوا أي مفاوضات، وأن ترامب سينصت إلى المتشددين في إدارته، لكننا كنا مخطئين”.
رهان على تعنت إيراني
ورغم هذا الانقسام فإن الصحيفة تقول إن معسكر المتفائلين لا يزال يعول على أن إيران، وبقيادة المرشد الأعلى للثورة علي خامنئي سترفض أي تسوية دبلوماسية وستطالب بالمزيد من التنازلات، مما سيفشل المحادثات ويعيد طرح الخيار العسكري.
إعلان
ووفقا للمراسلة، يستند هذا التحليل إلى رؤية ترى أن “خامنئي لن يختلف عن الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات“، في إشارة إلى رفض الأخير اتفاق كامب ديفيد عام 2000 الذي كان يتطلب منه التنازل عن السيادة على القدس، مما أدى إلى توقف المفاوضات حينها، وقال أحد أعضاء هذا المعسكر “نحن نثق بخامنئي، لن يخيّب ظننا وسيسقط في الفخ الذي نصبناه له”.
لكن “الواقعيين” يحذرون من التهوين من براعة إيران، فهم يعتقدون أن طهران قد توافق على نسخة محسنة من الاتفاق النووي السابق (اتفاق أوباما)، وتبقي في الوقت ذاته على البنية التحتية التي تمكنها من العودة إلى الخيار العسكري لاحقا.
وفي خضم هذا التباين تقول برسكي إن إسرائيل لا تنوي الجلوس مكتوفة الأيدي، فبينما تواصل الولايات المتحدة اختبار المسار الدبلوماسي تتحرك إسرائيل لجمع دعم إقليمي ضد طهران.
وتنقل الكاتبة أن هناك إدراكا في القدس بأن دول الخليج والمملكة العربية السعودية تحديدا ترفض هي الأخرى فكرة أن تمتلك إيران “برنامجا نوويا سلميا”.
وبالتالي، من المرجح أن تسعى إسرائيل إلى بناء جبهة إقليمية مشتركة تشاركها القلق من ترك إيران تمتلك قدرات تخصيب متقدمة حتى لو كانت تحت شعار “الاستخدام السلمي”.
وتخلص المراسلة السياسية إلى أن “إسرائيل -التي باتت تفتقر إلى الضوء الأخضر الأميركي الذي اعتادت عليه- يجب أن تعمل على إعادة ترتيب أوراقها، سواء عبر الدبلوماسية الإقليمية أو عبر الضغوط السياسية على البيت الأبيض، في انتظار أن ينفد صبر ترامب”، على حد تعبيرها.