وتكشف الصور أيضا عن تحول الدفيئات الزراعية (البيوت البلاستيكية) من هياكل منتظمة ذات أغطية عاكسة واضحة إلى أنقاض متناثرة، خاصة في مناطق رفح وخان يونس وفي منطقة بيت لاهيا بشمال القطاع، وتوثق الصور تحول مساحات خضراء كانت تُعرف بإنتاجها الزراعي المكثف إلى مناطق جرداء تتخللها حفر ناتجة عن القصف.
وتظهر صور الأقمار الصناعية العالية الدقة أيضا تغييرات في طبوغرافيا المنطقة، حيث تم إنشاء تلال ترابية وخنادق عسكرية في مناطق كانت سابقًا أراضيَ زراعية مستوية، مما يشير إلى عمليات تجريف واسعة النطاق. وفي المناطق الشرقية من القطاع، يمكن ملاحظة توسع “المنطقة العازلة” بشكل واضح، حيث امتدت غربًا لتبتلع مساحات زراعية كانت تقع خارج نطاقها قبل أكتوبر 2023.
تقدم هذه الصور عند تحليلها بالتزامن مع البيانات الميدانية وشهادات المزارعين، صورة متكاملة عن إستراتيجية ممنهجة لتدمير القدرة الإنتاجية الزراعية في قطاع غزة، وليس مجرد أضرار عرضية ناتجة عن العمليات العسكرية.
حجم الدمار والتجريف المنهجي للأراضي الزراعية
تكشف صور الأقمار الصناعية حجمًا غير مسبوق من الدمار الذي أصاب الأراضي الزراعية في قطاع غزة منذ بداية العدوان الإسرائيلي في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وتظهر هذه الصور مستوى هائلًا من الأضرار الجسيمة التي لحقت بالقطاع الزراعي، الذي كان يمثل قبل العدوان حوالي 10% من اقتصاد غزة ويشكل مصدر رزق لأكثر من نصف مليون فلسطيني.
في مدينة رفح بجنوب القطاع، كانت مناطق مثل حي تل السلطان ومنطقة موراج ميدانًا لعمليات عسكرية مكثفة، تضمنت شق طرق وإقامة مواقع عسكرية إسرائيلية. وقد حذرت بلديات في غزة من أن احتلال إسرائيل لمحور موراج يهدد بالقضاء على آخر سلة غذائية في المحافظتين الجنوبيتين: خان يونس ورفح، مما يفاقم من أزمة الجوع التي يعاني منها مئات الآلاف من النازحين في تلك المناطق.