قال مدير مكتب الجزيرة في طهران عبد القادر فايز إن المنطقة التي ظهرت في صور الهجوم الإسرائيلي تضم مواقع حساسة بالغة الأهمية في قلب العاصمة الإيرانية، بعضها يرتبط بالبرنامج النووي الإيراني، وأخرى توصف بأنها مربعات أمنية خاصة يقيم فيها كبار القادة، من بينهم المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية.
وأضاف -في مداخلة على الهواء مباشرة مع الجزيرة- أن البرج الذي ظهر مضاء في الصور يعرف باسم “برج ميلاد نور”، وهو من أعلى الأبراج في طهران، وتكمن أهميته في كونه برج اتصالات رئيسيا في البلاد، مشيرا إلى أن الهجوم وقع في منطقة تتقاطع فيها شوارع محورية كشارع همت وستارخان.
ويأتي هذا الهجوم الإسرائيلي غير المسبوق على إيران في إطار عملية عسكرية أطلقت عليها تل أبيب اسم “الأسد الصاعد”، حيث شاركت 200 مقاتلة في قصف نحو 100 هدف داخل إيران، من بينها منشآت نووية ومواقع عسكرية في طهران وتبريز وهمدان ومشهد وبوشهر.
وأوضح فايز أن هذا المربع الجغرافي يضم منشآت بالغة الحساسية، من بينها مفاعل طهران النووي، وهو منشأة بحثية تعمل بوقود اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، ويستخدم في إنتاج النظائر المشعة التي تدخل في علاج أمراض مزمنة، مما يجعله منشأة بالغة الأهمية في البنية التحتية العلمية الإيرانية.
إعلان
وأشار إلى أن هذا المفاعل يعود تاريخه إلى ما قبل الثورة الإيرانية، حيث أنشأته الولايات المتحدة في زمن الشاه كهدية مقدّمة إلى جامعة طهران، بالتعاون مع الأمم المتحدة، ويُعرف باسم “مفاعل طهران البحثي”، مما يمنحه رمزية خاصة في تاريخ البرنامج النووي الإيراني.
مضادات أرضية
ولفت إلى أن المنطقة المحيطة بالمفاعل محصنة بمضادات جوية، لكن ما ظهر في الصور لم يكن دفاعات صاروخية متقدمة، بل مضادات رشاشة أرضية مخصصة للتعامل مع الطائرات المسيّرة، وهو ما يدل على أن التهديد ربما جاء من طائرات بدون طيار أكثر من كونه هجوما صاروخيا مباشرا.
وكان المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي قد قال إن العملية العسكرية لا تقتصر على استهداف المنشآت النووية، بل تمتد لضرب مواقع الصواريخ الباليستية، مؤكدا “استباق محاولة إيران استخدام هذه الصواريخ ودكّ منصاتها قبل إطلاقها”.
وأضاف أن استمرار عمل هذه المضادات، في الوقت الذي أعلن فيه الجيش الإيراني إسقاط مقاتلة إسرائيلية مأهولة، يعني أن منظومة الدفاع الجوي كانت في حالة تأهب قصوى، وأن هناك تطورا كبيرا في حدة المواجهة، خصوصا إذا تأكدت المعلومات بأن الطائرة سقطت داخل إيران.
وتابع فايز موضحا أن أهمية هذا الخبر لا تكمن فقط في إسقاط المقاتلة، بل في ما إذا كان طاقمها قد نجا، وفي أي موقع سقطت، مما قد يفتح فصلا جديدا من التصعيد، مؤكدا أن مثل هذه التطورات سترفع منسوب التوتر بشكل غير مسبوق في المواجهة الإقليمية.
وكانت وكالة تسنيم الإيرانية للأنباء قالت إنه تم أسر قائدة طائرة إسرائيلية في عملية استهداف مقاتلة إسرائيلية شاركت في الهجوم على إيران.
مربع إقامة خامئني
وفي سياق متصل، أشار مدير مكتب الجزيرة إلى أن المنطقة المحيطة ببرج ميلاد والواقعة بين شارعي ستارخان وهفت تير تضم أيضا أحد أهم الأحياء السكنية في إيران، وهو الحي المعروف بأنه مربع إقامة المرشد الأعلى علي خامنئي، رغم أن موقع إقامته الدقيق لا يُعرف بشكل مؤكد.
إعلان
وأضاف أن هذه المنطقة تُعد الأكثر أمنا وحراسة في العاصمة، إذ تقع بالقرب من شارع فلسطين وميدان فلسطين، حيث يوجد ما يُعرف في إيران بـ”بيت المرشد”، وهو المقر الذي يستقبل فيه الضيوف رفيعي المستوى، مما يمنح هذه المنطقة حساسية أمنية قصوى.
وقال فايز إن هذه المنطقة تشمل أيضا جامعة طهران، أعرق مؤسسات التعليم العالي في البلاد، وتقع على مقربة من المواقع المستهدفة، مشيرا إلى أن وجود مثل هذا التجمع من المنشآت الحيوية في نطاق ضيق يزيد من تعقيد أي هجوم أو محاولة اختراق أمني.
وأشار فايز إلى أن من بين المناطق التي استُهدفت خلال الهجوم، حي كوي نصر أو زاوية النصر، وهي منطقة تقع غرب العاصمة وتضم مواقع يعتقد أنها تابعة للحرس الثوري الإيراني، خاصة ما يتصل بالمنظومة الصاروخية، رغم أن طبيعة هذه المواقع ما زالت غير معلومة بدقة.
وكانت وكالة فارس قد أعلنت عن مقتل 78 شخصا وإصابة أكثر من 300 آخرين في طهران وحدها، في حين أكدت مصادر إيرانية مقتل عدد من قادة الصف الأول، بينهم قائد الحرس الثوري حسين سلامي ورئيس هيئة الأركان محمد باقري، إلى جانب 6 علماء نوويين.
وكانت إيران قد أعلنت عن وقوع انفجارات قرب منشأة فوردو النووية، وقاعدة نوجة الجوية، ومراكز عسكرية في نهاوند، في حين شُنت لاحقا هجمات جديدة على مطاري مهر آباد وبوشهر، حيث تتمركز مقاتلات الجيش الإيراني.
وبينما أكدت طهران أنها لم تنفذ هجوما حقيقيا بعد، توعّد القائد الجديد للحرس الثوري أحمد وحيدي بأن الرد “قادم”، في حين شدد المرشد الأعلى علي خامنئي على أن “الكيان الصهيوني سينال عقابا شديدا”.