تثار تساؤلات بشأن مدى إدراك الإسرائيليين فداحة الثمن الذي يدفعونه جراء إصرار حكومة بنيامين نتنياهو على مواصلة حربها على قطاع غزة، بعدما وصلت صواريخ اليمن إلى مطار بن غوريون رمز إسرائيل السيادي.
وتوعد نتنياهو -في ختام مشاورات عقب الهجوم الحوثي- برد عسكري قاسٍ على اليمن، في حين سارعت كبريات شركات الطيران العالمية إلى إلغاء رحلاتها من وإلى إسرائيل، كما طالب بعضها السلطات الإسرائيلية بتوضيح طبيعة المشهد، قبل أن تقرر بشأن جدول رحلاتها إليها.
وفي هذا السياق، وصف الكاتب والباحث في الشؤون الدولية حسام شاكر الاستهداف اليمني لمطار بن غوريون بأنه مؤلم ومحرج لإسرائيل وأميركا، مؤكدا أن الحرب التي يخوضها الاحتلال مكلفة.
ووفق حديث شاكر لبرنامج “ما وراء الخبر”، فإن نتنياهو مُطالب بإدراك حقيقة أن ما يجري في اليمن مرتبط بغزة، وبالتالي عليه وقف حرب الإبادة والتجويع على القطاع، لكنه يبرمج مواقفه بناء على الانتخابات المقبلة.
بدوره، أعرب أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية حسن أيوب عن قناعته بأن الضغط الشعبي لن يجبر حكومة نتنياهو على إعادة الحسابات، إذ أقصت هذه الحكومة كل معارضيها في المؤسستين الأمنية والعسكرية وأحكمت قبضتها على الجهاز القضائي.
إعلان
لكنه استدرك بالقول إن هناك مسألتين قد تجبران إسرائيل على إعادة حساباتها وهي:
- الإدارة الأميركية قد تضيق ذرعا بتوسيع إسرائيل حربها في الإقليم.
- تغيرات معينة في المنطقة خاصة الدول المعنية.
ورجح الأكاديمي الفلسطيني أن الشارع الإسرائيلي لن يتحرك سوى بتكبد خسائر مباشرة، مع إقراره بأن الخسائر الاقتصادية قد تعوضها إسرائيل عبر الدعم الغربي أو القروض الأميركية.
ما المتوقع؟
يرى شاكر أن نتنياهو يريد “رد اعتبار رمزيا”، إذ لن يتغير شيء على المستوى الإستراتيجي باستمرار الضربات الحوثية، فضلا عن أن ما قامت به الولايات المتحدة في اليمن غير مجدٍ.
ووصف حكومة نتنياهو بأنها إدارة أدمنت الحرب، وبالتالي ليس بإمكانها ببساطة إيقاف الحرب، إضافة إلى أن الخطاب الإسرائيلي الموجه للداخل تمت صياغته بحيث تفصل الجبهة اليمنية عن غزة.
أما أيوب فأقر أن ضربات الحوثيين لا تشكل تهديدا وجوديا لإسرائيل، لكن ما أرادته تل أبيب وواشنطن بوجود هيمنة إسرائيلية كاملة على الإقليم غير قابل للتحقيق والاستدامة.
وحسب الأكاديمي الفلسطيني، فإن المعادلة التي فرضتها هجمات الحوثيين يصعب كسرها إسرائيليا وأميركيا، لافتا إلى أن صاروخا أو مسيّرة واحدة كفيلة بنقل رسالة مفادها أن “المنطقة لن تستقر طالما تستمر تل أبيب في حربها ضد الأطراف الإقليمية”.
ونبه إلى أن إسرائيل روجت تاريخيا على أنها الملاذ الآمن ليهود العالم، لكنها في الوقت ذاته تمتلك الرقم القياسي في عدد الحروب التي شنتها في المنطقة.
معادلة جديدة؟
من جانبه، يقول الكاتب والباحث السياسي الإسرائيلي يوآف شتيرن إن نتنياهو يدرك أن الأمر أكبر من رد فعل إسرائيلي، لأن جبهة الحرب الرئيسية ليست اليمن وإنما غزة.
وأكد شتيرن أن الحوثيين سيتوقفون عن استهداف إسرائيل عندما تتوقف الحرب على غزة، معربا عن قناعته بأنه “لا إمكانية لخلق معادلة جديدة مختلفة تماما عن الواقع الحالي، لا عن طريق أميركا ولا إسرائيل”.
إعلان
وبينما لم يستبعد أن تشن ضربات قوية ضد الحوثيين، أشار الكاتب الإسرائيلي إلى أن الصورة لن يتم تغييرها بالكامل إلا عبر التفاوض مع إيران.
وفي هذا الإطار، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين قولهم إن “إسرائيل هاجمت اليمن 5 مرات، ومخطئ من يعتقد أن هجوما آخر سيغلق الجبهة الحوثية”.
ووفق هؤلاء المسؤولين، فإن إسرائيل تريد أن يتكبد الحوثيون ثمنا باهظا، عبر نقل رسالة لدول المحور خاصة إيران بأن هناك ثمنا باهظا لقصف مطار بن غوريون.