يرى مسؤولون إسرائيليون أن بلادهم قادرة على ضرب منشآت إيران النووية بشكل مستقل ودون الحصول على ضوء أخضر من الولايات المتحدة، معتبرين أن نافذة هذه الفرصة تضيق بسرعة.
ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية عن مسؤولين أمنيين أن تل أبيب ترى أن نافذة الفرصة لإيقاف البرنامج النووي الإيراني تضيق بسرعة، وتشير تقديرات إلى أن المؤسسة العسكرية باتت تملك القدرة العملياتية على تنفيذ مثل هذه الضربة، رغم التحذيرات من أن النجاح الكامل يتطلب تنسيقًا أميركيًّا.
وبحسب الصحيفة، فإن أوساط سياسية وأمنية في إسرائيل تعتبر أن ضرب المنشآت النووية الإيرانية لا يهدف فقط إلى وقف المشروع النووي، بل قد يؤدي إلى انهيار النظام في طهران.
وترى المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن إيران تمر حاليًا بأضعف حالاتها داخليًّا، لكنها باتت أقرب من أي وقت مضى إلى امتلاك سلاح نووي، ما يستوجب، حسب التقدير الإسرائيلي، عملاً عسكريًّا حاسمًا خلال أشهر قليلة.
خطة متكاملة
وتقول “يديعوت أحرونوت” إن إسرائيل أعدّت خطة متكاملة لتنفيذ هجوم على المواقع النووية الإيرانية، تشمل غارات جوية وتنسيقًا مع القيادة المركزية الأميركية، إلى جانب دعم سيبراني واستخباراتي، لكن الخطة توقفت بعدما استخدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب حق النقض، مفضلاً إعطاء فرصة للمفاوضات الجارية حاليًا بين واشنطن وطهران، والتي انطلقت في مسقط بوساطة عمانية.
إعلان
وتشير التقديرات إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حاول ثني ترامب عن قراره خلال لقائهما الأخير في واشنطن، لكنه عاد دون أي تعهد واضح، كما عبّر مسؤولون إسرائيليون عن خيبة أملهم من أن الإدارة الأميركية لا تملك تصورًا واضحًا لما تريد تحقيقه من المفاوضات سوى منع إيران من إنتاج قنبلة نووية، دون التطرق لتفكيك البرنامج بالكامل.
وفي تل أبيب، تتصاعد المخاوف من أن يسعى ترامب إلى توقيع اتفاق مع إيران يجمّد البرنامج النووي مؤقتًا مقابل رفع بعض العقوبات، ما تعتبره إسرائيل “تنازلا خطيرا”، وتُخشى تداعيات هذا المسار، خاصة إذا عُرض الاتفاق على أنه إنجاز دبلوماسي قبيل زيارة مرتقبة لترامب إلى الشرق الأوسط.
بدائل
ويطالب قادة إسرائيليون بأن يتضمن أي اتفاق تفكيكًا كاملاً للبنية النووية الإيرانية، بما في ذلك أجهزة الطرد المركزي، ومفاعل الماء الثقيل، ووقف تطوير الرؤوس النووية، بالإضافة إلى إخراج كامل لمخزون اليورانيوم المخصب خارج إيران.
وفي ظل تعطل الخيار العسكري، تعيد إسرائيل تقييم بدائل أقل كلفة، على رأسها شن هجمات إلكترونية تستهدف البنية النووية الإيرانية، على غرار ما حدث في عملية “ستاكسنت” السابقة. وقد ناقش مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية هذا الخيار مؤخرًا خلال زيارته إلى إسرائيل، وسط حديث عن هجوم سيبراني مشترك يجري الإعداد له.
لكن محللين يرون أن مثل هذه العمليات قد تؤخر البرنامج الإيراني لبعض الوقت دون القضاء عليه، ما يجعل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ترى أن الضربة العسكرية الشاملة ما زالت الخيار الوحيد المجدي.
وبحسب التقديرات الاستخباراتية، فإن إيران تملك اليوم ما يكفي من اليورانيوم المخصب بنسبة 60% لصنع عدة رؤوس نووية، وقد تصل إلى العتبة النهائية خلال أسابيع، وهو ما يقرّبها من نموذج كوريا الشمالية، ويجعل أي هجوم لاحق مكلفًا وغير مضمون.
إعلان
طموح ترامب
وبينما يطمح ترامب إلى تحقيق اختراق دبلوماسي مزدوج، يشمل وقف التهديد النووي الإيراني وتوسيع اتفاقات التطبيع. تشكك إسرائيل في جدوى هذا الطموح إذا لم يشمل تفكيكًا كاملاً لقدرات إيران النووية والصاروخية.
وفي الأثناء، تستعد واشنطن عسكريا، إذ نشرت قوات بحرية وجوية ضخمة في المنطقة، بينها قاذفات “بي-2” القادرة على حمل قنابل خارقة للتحصينات، وهي قدرات لا تملكها إسرائيل. ورغم أن هذا الانتشار يُستخدم كورقة ضغط على طهران، فإن إسرائيل تتخوف من أن يُسحب تدريجيا إذا استمرت المفاوضات دون نتائج.
لا تخفي إسرائيل أن هدفها الإستراتيجي لا يقتصر على تدمير البرنامج النووي، بل يمتد إلى إسقاط النظام الإيراني نفسه، وترى أن أي اتفاق لا يحقق هذا الهدف هو مجرد ترحيل للأزمة. لذلك، تعتبر أن إضاعة الفرصة الحالية حيث النظام الإيراني في أضعف حالاته ستكون خطأ إستراتيجيا يصعب تداركه لاحقا.